الاتربي: مكافحة الاحتيال المصرفي تتطلب تعاون البنوك والجهات التنظيمية والقضائية والعملاء أنفسهم

قال محمد الاتربي رئيس اتحاد بنوك مصر إن العالم شهد في السنوات الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في أساليب الاحتيال المالي والمصرفي، مما أدى إلى خسائر تقدر بمليارات الدولارات سنويًا على مستوى العالم.
وأضاف: تشير التقارير إلى أن الاحتيال المصرفي أصبح أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى، حيث يعتمد المحتالون على تقنيات متقدمة مثل الهندسة الاجتماعية، واختراق البيانات، والبرمجيات الخبيثة، وغسيل الأموال، والتزوير الإلكتروني.
وفي الدول العربية، ورغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومات والمؤسسات المالية، فإن الاحتيال المصرفي لا يزال يشكل خطرًا كبيرًا. فقد أدى تزايد الخدمات المصرفية الرقمية إلى ظهور تحديات جديدة تتطلب استراتيجيات مبتكرة لحماية أموال المودعين والحفاظ على ثقة العملاء في المؤسسات المالية.
وتعتبر ظاهرة الاحتيال المالي من أكبر التحديات التي تواجه البنوك العربية، حيث تتطلب استجابة شاملة تعتمد على نهج استباقي إقليمي يجمع بين التعاون المؤسسي والتكنولوجيا المتقدمة والتشريعات الصارمة
قال إن ازدياد حالات الاحتيال المالي في البنوك العربية يرجع إلى عدة عوامل، من أبرزها التوسع السريع في الخدمات المصرفية الرقمية، وضعف الوعي المالي لدى بعض العملاء، مما يجعلهم عرضة للاحتيال من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني المزيفة، وكذا استخدام تقنيات متطورة من قبل المحتالين، مثل الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق للاحتيال على البنوك والعملاء.
وذكر أنه في ظل هذا الواقع المتغير، نحن أمام تحدٍ حقيقي يتطلب تحركًا سريعًا وفعّالًا، فالمجرمون الماليون يطورون أساليبهم باستمرار، مما يحتم علينا أن نكون خطوة للأمام دائمًا من خلال الابتكار والتطوير المستمر. إن نجاحنا في مكافحة الاحتيال المالي لا يعتمد فقط على الأنظمة التقنية، بل أيضًا على مدى وعينا الجماعي وإرادتنا في بناء قطاع مصرفي أكثر أمانًا وشفافية.
وأكد أنه فى إطار سعى اتحاد بنوك مصر إلى تعزيز بيئة مصرفية آمنة وموثوقة، قادرة على مواجهة التحديات المرتبطة بالاحتيال المالي، وضمان استقرار النظام المصرفي المصري، فقد قامت لجنة الأمن السيبراني بالاتحاد خلال الأعوام السابقة بالتنسيق مع الإدارة المركزية لمكافحة الاحتيال بالبنك المركزي المصري بعقد عدد من الاجتماعات بشكل دوري لمناقشة أحدث أنماط الاحتيال.
وفى إطار التنسيق مع البنك المركزي المصري فقد تم تشكيل لجنة مكافحة الاحتيال بالاتحاد في عام 2024، وقد عقدت اللجنة العديد من الاجتماعات في العام الماضي حيث ناقشت العديد من الموضوعات منها أحدث المستجدات بشأن عمليات الاحتيال التي تتم باستخدام أسلوب Vishing والـ Smishing والتي تعد من أكبر التحديات التي تواجه القطاع المصرفي في الفترة الأخيرة.، واختبار نقاط الضعف في الأنظمة، ومخاطر الاحتيال في مجال ترميز البطاقات.
كما عقدت اللجنة اجتماع مشترك بين اللجنة والسادة مسؤولي التمويل الاستهلاكي لبحث ومناقشة التحديات والمشكلات التي تواجهها البنوك عند التعامل مع شركات التمويل الاستهلاكي.
وفى ظل أن تضافر الجهود في مكافحة الاحتيال المصرفي يشكل حجر الزاوية في بناء نظام مصرفي آمن ومستدام، فقد عقٌد اجتماع مشترك للجنتي الامن السيبراني ومكافحة الاحتيال بالاتحاد لمناقشة أنماط الاحتيال على العملاء وحملات التوعية للعملاء بحضور فريق الإدارة المركزية لمكافحة الاحتيال بالبنك المركزي المصري، حيث تم الاتفاق على بحث إمكانية تنظيم حملة توعية موحدة للعملاء للعمل على رفع درجة الوعي خاصة مع شرائح المجتمع من البسطاء والذين يفتقدون أساسيات استخدام العمليات المصرفية الرقمية والذين يتجاوبون مع عمليات الاحتيال لان تلك الشريحة هي الفئة المستهدفة من كافة المحتالين ويجرى حاليا الإعداد للحملة تحت رعاية البنك المركزي المصري.
وتعتزم لجنة مكافحة الاحتيال بالاتحاد في العام الحالي العمل على رفع مستوى وعي العملاء بأحدث اساليب الاحتيال الشائعةوتمكينهم من حماية أنفسهم من المخاطر المحتملة ، وحث البنوك على تطوير ثقافة مكافحة الاحتيال من خلال تدريب موظفي البنوك ونشر الوعي العام، وكذا تسهيل سبل التعاون معالمؤسسات المحلية والدولية لتوفير التدريب المتخصص على سبيل المثال وتنسيق التواصل ما بين البنوك والمؤسسات مثلACFE, Visa, MasterCard والمعهد المصرفي لتصميم وتنفيذ برامج تدريبية متخصصة، ودعوة متحدثين متخصصين فيشركات التكنولوجيا المتخصصة لعرض الأفكار المبتكرة الخاصةبمكافحة جرائم الاحتيال واتاحتها للبنوك المصرية مثل التنسيق مع الشركات الرائدة في تطوير أنظمة مكافحة الاحتيال مثل أنظمةالذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، لعرض أحدث الحلول المقدمة للبنوك المهتمة، وعرض ومناقشة التحديات التي تواجهه فرقعمل مكافحة الاحتيال المصرفي علي مستوي البنوك.
واكد الاتربي أن لجنة الأمن السيبرانى بالاتحاد تعتزم مناقشة العديد من الموضوعات في ذات الخصوص منها على سبيل المثال لا الحصر:-
➢ التهديدات السيبرانية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي مع التركيز على البرمجيات الخبيثة التكيفية التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتكييف استراتيجية الهجوم الخاصة بها في الوقت الفعلي ، والتصيد الاحتيالي القائم على التزييف العميق.
➢ مناقشة وعرض توضيحي لمنصة تبادل معلومات التهديدات التي تستخدمها البنوك في دولة الإمارات العربية المتحدة (برعاية صندوق النقد العربي).
وقال إن النهج الاستباقي الإقليمي لمكافحة الاحتيال المالي في البنوك العربية يتطلب تكاملاً بين القوانين، والتعاون الإقليمي، والاستفادة من أحدث الأساليب التكنولوجية وتقنيات الأمن السيبراني. ومن خلال تنفيذ هذه الاستراتيجية، يمكن تقليل المخاطر وتعزيز ثقة العملاء في القطاع المصرفي العربي، مما يساهم في تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي على مستوى المنطقة، لذا فأننا ندعو إلى العديد من الخطوات الهامة في هذا الخصوص منها: -
▪ تطوير إطار تنظيمي وتشريعي موحد، وتحديث القوانين المصرفية لتشمل متطلبات إلزامية لمكافحة الاحتيال، مع فرض عقوبات رادعة، وتوحيد معايير الامتثال والمراجعة بين البنوك في مختلف الدول العربية لضمان تناسق السياسات.
▪ تعزيز التعاون الإقليمي بين البنوك، وبحث إمكانية تنسيق الجهود بين البنوك المركزية العربية في هذا الخصوص، وكذا بحث إنشاء قاعدة بيانات عربية موحدة تحتوي على سجلات موحدة للمحتالين والأساليب الاحتيالية المتبعة، مع تعزيز تبادل المعلومات بين البنوك عبر منصات آمنة لرصد أي أنشطة مشبوهة بشكل فوري، فضلا عن عقد منتديات وورش عمل دورية لمناقشة أحدث أساليب الاحتيال وطرق التصدي لها.
▪ استخدام التكنولوجيا المتقدمة في مكافحة الاحتيال من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة للكشف عن الأنماط الاحتيالية غير الطبيعية في المعاملات المالية، وكذا استخدام تقنيات التحقق البيومتري مثل بصمات الأصابع والتعرف على الوجه لتأمين المعاملات، فضلا عن أنظمة الإنذار المبكر التي تستخدم التعلم الآلي لرصد العمليات المشبوهة قبل حدوثها.
▪ تعزيز وعي الموظفين والعملاء وذلك من خلال إطلاق حملات توعية مستمرة تستهدف العملاء لتعريفهم بأساليب الاحتيال الحديثة وكيفية تجنبها، وتدريب الموظفين بشكل دوري على كشف عمليات الاحتيال المحتملة والتعامل معها وفق إجراءات محددة، وتطوير ثقافة الامتثال داخل المؤسسات المالية لضمان الالتزام بالإجراءات الوقائية.
▪ تعزيز الأمن السيبراني في البنوك من خلال تحديث البنية التحتية التكنولوجية بشكل دوري لحماية الأنظمة المصرفية من الهجمات السيبرانية، وإجراء اختبارات اختراق دورية للكشف عن نقاط الضعف في الأنظمة الإلكترونية ومعالجتها، والاعتماد على تقنيات التشفير المتقدمة لضمان أمن البيانات والمعاملات.
▪ تحسين إجراءات الكشف والاستجابة السريعة من حيث إنشاء مراكز عمليات أمنية متخصصة لمراقبة العمليات المصرفية على مدار الساعة، ووضع بروتوكولات استجابة فورية للتعامل مع حالات الاحتيال، تشمل آليات الإبلاغ الفوري عن الحالات المشبوهة، مع تعزيز التعاون مع الجهات الأمنية لملاحقة المحتالين قضائيًا ومنع تكرار العمليات الاحتيالية.
▪ تبني معايير دولية لمكافحة الاحتيال من خلال التنسيق مع المنظمات الدولية مثل مجموعة العمل المالي (FATF) ،وتطبيق المعايير العالمية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لمنع استغلال الأنظمة المصرفية العربية، مع المشاركة في المبادرات الدولية لتبادل الخبرات حول أحدث تقنيات وأساليب مكافحة الاحتيال.
أكد الاتربي على أن مكافحة الاحتيال المصرفي مسؤولية جماعية تتطلب تعاون البنوك، والجهات التنظيمية، والهيئات القضائية، والعملاء أنفسهم.