معيط: انضمام أكثر من 123 ألف شركة إلى منظومة الفاتورة الإلكترونية
قال الدكتور محمد معيط وزبر المالية لم يعد التحول الرقمي فى عالمنا المعاصر نوعًا من الترف والرفاهية، بل أصبح ركيزة أساسية فى المسار التنموي يترتب عليها جودة الحياة، بمختلف جوانبها، وإيمانًا بهذا النسق الفكرى تنطلق «الجمهورية الجديدة» إلى آفاق أرحب تُمهد الطريق لمستقبل أكثر استدامة، وغدٍ أفضل عبر جسور «الأمل والعمل» للانتقال إلى «مصر الرقمية»؛ تحقيقًا للغايات الوطنية والأهداف الاستراتيجية للدولة المصرية فى تيسير سبل العيش الكريم للمواطنين، وبذل أقصى جهد لتلبية احتياجاتهم، فى ظل تحديات عالمية تشابكت أمواجها العاتية، وتداعت صدماتها على اقتصادات أنهكتها جائحة كورونا، وما كادت تتعافى حتى فُجعت بحرب فى أوروبا لا يعلم أحد مداها الزمنى، ليكون العالم أمام ظروف استثنائية غير مسبوقة أكثر تعقيدًا من أى وقت مضى: «موجة تضخمية ضخمة جدًا، انعكست فى ارتفاع أسعار السلع والخدمات؛ نتيجة لاضطراب سلاسل الإمداد والتوريد، بسبب اختلال ميزان العرض والطلب، وزيادة كبيرة جداً في تكاليف التمويل وهجرة الأموال من الأسواق الناشئة حتى بات الوصول للأسواق الدولية مسارًا صعبًا وأكثر كُلفة على الاقتصادات الناشئة والبلدان النامية».
جاء ذلك فى كلمة الوزير امام
مؤتمر الجمعية العلمية للتشريع الضريبي، مشيرا إلى أنه على هذا النحو، تتعاظم أهمية الذى ينعقد هذا العام بعنوان: «تطوير التشريعات الاقتصادية لمواكبة التحول الرقمى»، والذى نتطلع أن ينجح رواده من كبار الخبراء بمجال المحاسبة والضرائب والاقتصاد، فى بلورة رؤية أكثر تطورًا تسهم فى توطين صناعة التكنولوجيا المالية بشكل أكبر، وتُساعد فى تحسين كفاءة وفاعلية الأداء الحكومي، والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وتعزيز الحوكمة، والشفافية، وفقًا لأحدث المعايير والممارسات العالمية؛ بما يُعزز جهود التحول إلى الاقتصاد الرقمي.
واوضح د. معيط لا يغيب على أحدكم، أن الفهم الواعي للتحول الرقمي، يتجاوز الانتقال من بيئة العمل الورقية إلى الإلكترونية، ويمتد إلى إعادة هندسة الإجراءات ودورات العمل وتبسيطها، وتوفير البنية التشريعية الملائمة، والكوادر البشرية المؤهلة لإدارة الأنظمة المميكنة فى بيئة عمل محفزة للابتكار وتطوير وتحويل البنية التحتية إلى بنية مؤهلة لإتمام ذلك..
وبهذا الإدراك العميق للمفهوم الشامل والمتكامل للتحول الرقمى بمختلف أركانه، انطلقت وزارة المالية فى تنفيذ المشروع القومي لتحديث وميكنة المنظومتين الضريبية والجمركية، جنبًا إلى جنب مع تطوير ورقمنة إدارة المالية العامة للدولة، والمضي بقوة فى مسيرة الدفع والتحصيل غير النقدى، وإرساء دعائم الشمول المالي، على نحو يتكامل مع جهود الحكومة فى التوظيف الأمثل للحلول التكنولوجية فى تعزيز حوكمة المنظومة المالية للدولة، ومن ثم امتلاك القدرة على التعامل المرن والسريع مع التحديات العالمية الشديدة، والحفاظ على المسار الاقتصادي الآمن، وصون مكتسبات برنامج التنمية الشاملة والإصلاح الاقتصادي.
وقال الوزبر ياتى ذلك فى تعاون متفرد يُشكِّل نموذجًا للتكامل المنشود بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، استطعنا معًا، خلال عدة سنوات، ترجمة التوجيهات الرئاسية، وبرنامج الحكومة، وما انتهت إليه حواراتنا المجتمعية مع رموز المال والأعمال، في تطوير التشريعات الاقتصادية وفقًا لأحدث النظم العالمية، بما يضمن توفير الغطاء التشريعي والتنفيذي اللازم للتحول الرقمي منها: «قانون التعاقدات الحكومية عام ٢٠١٨، وقانون تنظيم استخدام وسائل الدفع غير النقدي فى ٢٠١٩، وقانون الإجراءات الضريبية الموحد، وتعديلات قانون المشاركة مع القطاع الخاص، وقانون الجمارك في ٢٠٢٠، ثم قانون المالية العامة الموحد، وتعديلات قانون الضريبة على القيمة المضافة هذا العام».
وقال الوزبر إن قانون الإجراءات الضريبية الموحد، وضع إطارًا تشريعيًا يُقنن الإجراءات الضريبية الموحدة المميكنة، التى تم إعادة هندستها وتبسيطها ودمجها ورقمنتها، لتوحيد إجراءات ربط وتحصيل الضريبة على الدخل، والضريبة على الدمغة، والضريبة على القيمة المضافة، على النحو الذى يُسهم في إتاحة الخدمات للممولين أو المكلفين إلكترونيًا دون الحاجة للذهاب إلى المأموريات، من خلال ارتياد البوابة الإلكترونية لمصلحة الضرائب المصرية برقم التسجيل الضريبى الموحد لكل منهم الذى يتضمن كل أنواع الضرائب الخاضع لها، وسداد المدفوعات إلكترونيًا بإحدى وسائل الدفع غير النقدى.
وكانت مصر من أوائل الدول الرائدة بالشرق الأوسط وأفريقيا في تطبيق منظومة «الفاتورة الإلكترونية» التي ترتكز علي التبادل اللحظي لبيانات الفواتير بصيغة رقمية دون الاعتماد علي المعاملات الورقية؛ بما يساعد في تسهيل إجراءات الفحص الضريبي للشركات، في أقل زمن ممكن، وإنهاء زيارات الاستيفاء المتكررة، وفحص ملفات فواتير البيع والشراء إلكترونيًا، مع إمكانية الفحص عن بعد وتيسير إجراءات رد الضريبة، وعملية إعداد وتقديم الإقرارات الضريبية، إضافة إلي تعزيز المراكز الضريبية للشركات بوضعها في قائمة «المخاطر الضريبية المنخفضة»، وتبسيط إجراءات التسوية بين الشركات، وقد انضم أكثر من 123 ألف شركة إلى منظومة الفاتورة الإلكترونية حتى الآن تم ارسال اكثر من 382 مليون وثيقة إلكترونية حتى الآن في منظومة الفواتير الإلكترونية، ومن المقرر الانتهاء من إلزام كل مجتمع الأعمال في جمهورية مصر العربية بالفواتير الإلكترونية فى ديسمبر المقبل في رد أو خصم الضريبة.
وتسهم منظومة «الإيصال الإلكتروني» في ضمان وصول ما يدفعه المستهلكون من ضرائب علي السلع والخدمات في منافذ بيعها وتقديمها، إلي الخزانة العامة للدولة لحظيًا علي نحو يتكامل مع منظومة «الفاتورة الإلكترونية»؛ بما يُعزز جهود دمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي، وحصر المجتمع الضريبي بشكل أكثر دقة، وتحقيق العدالة الضريبية، وتكافؤ الفرص بين الممولين في السوق المصرية، علي نحو يُساعد في زيادة حجم الناتج المحلي الإجمالي، وتحقيق المستهدفات الاقتصادية والتنموية، وقد تم إرسال أكثر من ٢٤ مليون إيصال إلكتروني على هذه المنظومة حتى الآن.
بلغة الأرقام، فإن الأنظمة الالكترونية المتطورة التى نجحنا فى تطبيقها، رفعت الإيرادات الضريبية بنسبة ٢٠٪ خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر ٢٠٢٢، مقارنة بنفس الفترة من العام المالى الماضى رغم كل الظروف الصعبة التي يمر بها الاقتصاد العالمي والمصري بالتبعية، ونستهدف بحلول يونيه ٢٠٢٣ زيادة الإيرادات الضريبية بنحو ٢٣,٥٪، من خلال التوسع فى الحلول التكنولوجية وزيادة القاعدة الضريبية ورفع كفاءة الأداء الضريبي.
وتأتى التعديلات الأخيرة لقانون الضريبة على القيمة المضافة لتتضمن إعفاءات محفزة للصناعة، منها: تعليق أداء الضريبة على الآلات والمعدات الواردة من الخارج لاستخدامها فى الإنتاج الصناعى لمدة سنة من تاريخ الإفراج عنها وإسقاطها فور بدء الإنتاج، ومنح السلع أو الخدمات التي تُصدِّرها مشروعات المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة للخارج، أو الواردة إليها، ذات المعاملة الضريبية للسلع أو الخدمات التى تُصدِّرها مشروعات المناطق والمدن والأسواق الحرة للخارج أو الواردة إليها لتخضع للضريبة بسعر «صفر»؛ وذلك لتشجيع الاستثمار بالمناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة بعدم تحميل السلع أو الخدمات الواردة لهذه المشروعات بالضريبة على القيمة المضافة.
وتشجيعاً للاستثمار أيضًا سوف يتم مد العمل بقانون الاستثمار لمدة خمسة سنوات أخري تنتهي بعام 2028، بالإضافة إلى موافقة مجلس الوزراء على مشروع قانون حوافز الاستثمار الجديد والذى وفر حافز استثمار يصل إلى 55% من الضريبة المستحقة.
وأضاف الوزير وفى مسارٍ متوازٍ انطلقنا فى تطوير ورقمنة المنظومة الجمركية، بإصدار قانون الجمارك الجديد، مع إعادة هندسة الإجراءات الجمركية وتبسيطها وميكنتها، واستحداث المراكز اللوجستية وربط كل الموانئ بالمنصة الإلكترونية الموحدة «نافذة»؛ على نحو يُمكِّننا من الرصد اللحظى للواردات والصادرات المصرية، ويُسهم فى العمل على تحويل مصر إلى منطقة لوجستية عالمية، وتقليص زمن الإفراج الجمركي، وتنشيط حركة التجارة، بحيث تتم الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعى فى تحليل ومعالجة البيانات، وتطبيق معايير الجودة الأوروبية والأمريكية على الواردات، مع تطبيق المنظومة الجديدة لإدارة المخاطر بكل المنافذ الجمركية، وتشديد الرقابة لحماية الصناعة الوطنية ومنع دخول المنتجات الرديئة أو مجهولة الهوية إلى مصر، خاصة مع تشغيل نظام التسجيل المسبق للشحنات «ACI» بالموانئ البحرية، وتطبيقه تجريبيًا بالموانئ الجوية.
وفى هذا السياق، لا تفوتنا الإشارة إلى أن المعينين الجدد بالضرائب والجمارك، تم انتقاؤهم بمنتهى الشفافية، وإعدادهم على أعلى مستوى، ليكونوا نواة قوية لصفوة من الكوادر البشرية المؤهلة لإدارة الأنظمة الذكية.
وقال د.معيط يُجسِّد قانون المالية العامة الموحد، انطلاقة قوية نحو الإدارة الاحترافية للمالية العامة للدولة فى «الجمهورية الجديدة»، ويعكس النقلة النوعية في الإصلاحات التشريعية بأحكام مستجدة توضح فلسفة الأداء المالي القائم على النظم المميكنة، وفقًا لأفضل الممارسات العالمية التى ترتكز على الإفصاح والشفافية والحوكمة؛ بما يُسهم في إكساب الموازنة المزيد من المرونة وجعلها أكثر قدرة على تحقيق المستهدفات الاقتصادية والتنموية طبقًا لرؤية «مصر ٢٠٣٠».
واوضح إن قانون المالية العامة الموحد الذى يدمج قانون «المحاسبة الحكومية» وقانون «الموازنة العامة للدولة» يُراعى عددًا من الإصلاحات الهيكلية تتمثل في تطبيق موازنة البرامج والأداء بالوزارات والهيئات الموازنية، والهيئات الاقتصادية تدريجيًا خلال مدة أقصاها ٤ سنوات، ويسمح بالتوسع في استخدام التطبيقات التكنولوجية لتعزيز حوكمة المنظومة المالية للدولة؛ بما يتوافق مع المتغيرات المتعلقة بمنظومة الدفع والتحصيل الإلكتروني في إطار استخدام نظم التوقيع الإلكتروني، واعتبار الوثائق والمخرجات الإلكترونية ذات حجية قانونية.
ويُساعد قانون تنظيم وسائل الدفع غير النقدي فى تحقيق المزيد من الشمول المالى، ويتفق مع التوجهات العالمية فى تبنى السياسات التى تقلل التعامل النقدى «الكاش» وتُشجع على استخدام الأدوات المالية المصرفية وغيرها من وسائل ونظم الدفع، وتحصيل رسوم الخدمات مثل الكهرباء والمياه والغاز الطبيعي والاتصالات عبر وسائل الدفع غير النقدي، ونظم الدفع الإلكترونية.
وقال الوزير ان التعديلات الأخيرة على قانون «تنظيم مشاركة القطاع الخاص فى مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق العامة»، تضمنت الرقابة المسبقة على اختيار المشروعات القابلة للتنفيذ بنظام «المشاركة مع القطاع الخاص»، والتأكد من جاهزيتها للطرح والتعاقد؛ بما يُسهم فى تعزيز الحوكمة، ومنح المستثمرين خريطة استثمارية بالمشروعات القابلة للتعاقد عليها بنظام «المشاركة مع القطاع الخاص»، وتقليل مدة الطرح والتعاقد، ووقت تقديم ونظر التظلمات لسرعة إنهاء الإجراءات؛ وذلك تيسيرًا على مجتمع الأعمال باعتبارهم «شركاء التنمية».