هل سيتأثر اقتصاد السعودية بتقييد الحج هذا العام؟
يعد موسم الحج من أهم المصادر التي تدر دخلا للمملكة العربية السعودية بعد النفط ، حيث تولي السلطات اهتماما بالغا بهذا النشاط لزيادة أعداد الحجاج وذلك ضمن البرنامج الطموح لولي العهد الأمير محمد بن سلمان للإصلاح الاقتصادي.
وعادة ما يزور المملكة نحو 2.5 مليون حاج خلال موسم الحج ، لكن هذا العدد أصبح مستحيلا بعد حلول فيروس كورونا القاتل ، لتقرر السعودية تقييد الحج هذا العام ليقتصر على 10 آلاف حاج فقط 70 % منهم من خارج السعودية .
وتصل عائدات المملكة العربية السعودية من الحج والسياحة الدينية إلى 20 مليار دولار أميركي سنوياً، أي ما تصل نسبته إلى 20 في المئة من عائدات البلاد خارج قطاع البترول.
لكن هناك توقعات بأن تتخطى المملكة هذه الصعوبات، إذ لديها في نهاية المطاف صندوق ثروة سيادي تبلغ قيمته حوالي 300 مليار يورو، إلا أن هذه الأزمة الاقتصادية تضع البلاد في وضع صعب.
وعلى جانب متصل فقد خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي هذا العام، من 2.2% إلى 1.9%، بسبب تخفيضات إنتاج النفط التي جرى الاتفاق عليها ضمن أوبك بلس.
فيما توقع الصندوق تحسن النمو الاقتصادي في المملكة إلى 2.2% في 2021.
وقال صندوق النقد إنه من المتوقع أن يبلغ النمو في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى هذا العام 2.8%، بما يقل 0.1% عن تقدير الصندوق الصادر في أكتوبر الماضي.
وحول التأثيرات الاقتصادية لوضع قيود على أعداد الحجاج أو إلغاء موسم الحج قال الدكتور أحمد الشهري الخبير الاقتصادي السعودي: "السياسة الاقتصادية السعودية تعتمد على الفوائض النقدية السابقة، وهي ميزة موجودة بالمملكة ودول الخليج، وهذا الأمر منح المملكة ودول الخليج أنها تستطيع التعامل مع الأزمات وإدارة المخاطر الاستراتيجية الاقتصادية".
وأضاف الخبير الاقتصادي "الاقتصاد السعودي بشكله الجديد وضع الإنسان في المقدمة، بمعنى حماية المواطنين والمقيمين أولا ثم الاقتصاد، بدليل أن المملكة صرفت ما يقارب 8 في المئة من الناتج المحلي السعودي في تلك الأزمة".
وأوضح الشهري أن مدخول الحج مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي للمملكة لا يشكل سوى نسبة ضئيلة جدا، هذا بجانب أن الحج قطاع خدمي في السعودية، ومعروف عالميا أن القطاعات الخدمية شديدة الحساسية والتذبذب للظروف الجوية والقرارات السياسية بأي شكل من الأشكال، لذا فإنه ليس هناك أي إشكالية على الاقتصاد السعودي، وهذا الكلام مبني على نظرة اقتصادية وليس أكثر.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن أي قرار تتخذه السعودية بخصوص الحج والشعائر الدينية، هو قرار يتعلق بالصحة والسلامة والبيئة للحجاج وليس من منظور مكسب اقتصادي، حيث تنفق السعودية فاتورة عالية جدا على الخدمات اللوجستية والخدمات المقدمة للحجيج في الأوقات العادية، و تقليص الأعداد هو خيار عقلاني ومنطقي ولا تتدخل فيه العواطف والقرارات السياسية، يتعلق فقط بأمن وسلامة وصحة القادمين للسعودية لأداء المناسك، وحال اتخاذ المملكة قرار من هذا النوع.
وذكر الشهري أن ترك الأمور بلا قيود يشكل خطرا على الحجاج أنفسهم، لأن اغلب القادمين بنسب كبيرة هم من كبار السن وهم الأكثر عرضة للأخطار، لذا ترى المملكة أن سلامتهم لا علاقة لها بالأمور السياسية، وعندما تخفض المملكة الأعداد فإنها تقوم بعمل موازنة ما بين الداخل وبين عدد القادمين لها، والمملكة معنية في موسم الحج بملفين أساسيين هما، الملف الأمني والملف الصحي، أما الأمر المادي فلا يمثل وزن كبير بالنسبة لها، لأن فاتورة خدمات الحجاج الحكومية الأمنية والصحية واللوجستية عالية جدا، وتقدمها المملكة كخدمات للحجاج.
وتبدأ مناسك الحج هذا العام في 29 يوليو/تموز بأعداد محدودة للغاية، خشية انتشار فيروس كورونا.
وكانت وزارة الحج والعمرة السعودية قد أعلنت أن عدد الحجاج الذين سيؤدون فريضة الحج هذا العام لن يتجاوز عددهم 10 آلاف حاج 70% منهم من الأجانب.
وأعلنت الوزارة أن المعايير الصحية ستكون هي المحدد الرئيس لاختيار حجاج موسم حج عام 1441 هـ، مشيرة إلى أنه ستكون نسبة غير السعوديين من المقيمين داخل المملكة من إجمالي حجاج هذا العام هي 70%، وتكون نسبة السعوديين 30% فقط من الحجاج، على أن يقتصر حج المواطنين السعوديين على الممارسين الصحيين ورجال الأمن المتعافين من فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19).
وأوضحت وزارة الحج والعمرة، معايير اختيار الحجاج من غير المواطنين السعوديين من المقيمين بالمملكة.
وأشارت إلى أن معايير اختيار المقيمين ستكون الأولوية لمن "لا يعانون من أمراض مزمنة ومن قام باختبار (بي سي أر) تثبت عدم إصابتهم بفيروس كورونا، ومن لم يسبق لهم أداء فريضة الحج من قبل.
ومن معايير المحددة أيضا "أن تكون أعمارهم بين 20 إلى 50 عاما، وأيضا مع التعهد بالالتزام بمدة الحجر الصحي التي ستحددها وزارة الصحة قبل وبعد أداء الحج.
وأوضحت وزارة الحج والعمرة، أن الحجز مفتوح بداية من اليوم وحتى 10 يوليو الحالي، ليتمكن الراغبون من الحجز خلال هذه المدة في التسجيل موسم الحج هذا العام.
وقال المركز الوطني للوقاية من الأمراض ومكافحتها "وقاية" البروتوكولات الصحية الخاصة بالوقاية من مرض (كوفيد 19) لموسم حج 1441هـ، والذي "تضمن منع الحجاج من لمس الكعبة المشرفة أو تقبيل الحجر الأسود المثبت في الكعبة المشرفة".