” نهوض وتنمية المرأة”: التعديلات المقترحة لقوانين الأحوال الشخصية تضر بالطفل
على مدار الأيام الماضية تلقت جمعية نهوض وتنمية المرأة آلاف الاستغاثات من الأمهات الحاضنات المصريات وأطفالهن، حول ما نشر مؤخرًا على صفحات الجرائد والمواقع الالكترونية، عن تفاصيل مشروع قانون قدمه النائب عاطف مخاليف، عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، والذي أعده لتعديل قانون الأحوال الشخصية، والذي جاء في 4 محاور:
أولها : تخفيض سن الحضانة إلى 9 سنوات بدلًا من 15 سنة، والنص على انتقال الحضانة إجباريا بعد هذه السن إلى الطرف الآخر.
والمحور الثاني: يتمثل في إلغاء نظام الرؤية الحالي في القانون، واستبداله بالاستضافة لمدة لا تقل عن 24 ساعة أسبوعيا بجانب فرصة لزيادتها في أوقات العطلات والأعياد.
والثالث: تعديل ترتيب الحضانة ليصبح الأب الأرمل رقم 2 مباشرة بعد وفاة الأم، والأب الطبيعي رقم 4 بعد الأم وأم الأم وأم الأب.
والمحور الرابع والأخير: نص على إلغاء جميع الحالات التي يقبلها القانون للخلع وحصرها في حالة واحدة وهي العجز الجنسي فقط.
ونحن في جمعية نهوض وتنمية المرأة نستنكر هذه التعديلات التي يطالب بها النائب ، ونرفضها تمامًا، ونؤكد أنها خطوة للخلف، وظلم بين للمرأة المصرية وطفلها، فالقانون الحالي للأحوال الشخصية تم مراجعته أكثر من مرة وتم عرضه على الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية عدة مرات وذلك بتشكيل لجنة فقهية لدراسة كافة مواد القانون بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية برئاسة الدكتور/ أحمد الطيب - شيخ الأزهر، وكانت القرارات النهائية بأنها نابعة من الشريعة الإسلامية ولا تخالفها ويتم استمرار العمل بها دون تغيير.
وفي إطار الحملة التي تتبناها الجمعية بعنوان "صوت أمهات مصر" فأننا ننقل استغاثات الأمهات الحاضنات المصريات وأطفالهن لكافة صناع القرار للوقوف بجوارهن جراء تخوفهن وهلعهن من جراء هذا المقترح، كما نرد عليه في إطار الدراسات التي قامت بها الجمعية بهذا الشأن:
· أولًا: نجد أن المطالبة في المحور الأول بتخفيض سن الحضانة ليصل إلى 9 سنوات، يعد مخالف للشريعة الإسلامة بشكل صريح، حيث قام الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية بمراجعة قوانين الأحوال الشخصية عدة مرات خلال أعوام (2006، 2007، 2008، 2011، 2015)، وكما أنه لا يوجد نص صريح في القرآن الكريم أو السنة النبوية يوضح الحد الذي تنتهي حضانة الأم لوليدها فيه، وتم إقرار سن الحضانة بـ 15 عامًا للولد، وللفتاة حتى الزواج.
- كشفت نتائج الدراسات التي قامت بها جمعية نهوض وتنمية المرأة عن أن 78% من الرجال أرادوا الحضانة وتخفيض سنها للحصول على الشقة، وأن 85% من الرجال (أزواج السيدات وأيضًا الرجال من البحث) تزوجوا بأخرى أثناء الطلاق أو بعده في مقابل 4% فقط من النساء تزوجنّ بآخر رسمي، وفي دراسة أخرى أثبتت أن 88% من الرجال تزوجوا بأخرى في مقابل 8% فقط من النساء تزوجنّ بآخر رسمي.
- وفي احصائيات أخرى خاصة بالحضانة تشير إلى أن 63% ممن كانوا في حضانة الأباء تعرضوا للضرب والإهانة من الأب ومن زوجة الأب، كما كان هناك تفرقة في المعاملة بينهم وبين الأبناء من الزوجة الثانية، وأن أحد أسباب تواجد الأطفال بالشوارع هو إدمان أبائهم للمخدرات أو للخمر وذلك بنسبة 63.5%، كما أن نسبة الأباء الذين يحولون لأبنائهم من المدارس أو يخرجونهم من المدارس بشكل تام ليعملوا كانت 15 %.
· كما أن المطالبة في المحور الثاني بإلغاء الرؤية وإقرار بند الاستضافة، مرفوض رفضا قاطعًا، حيث أن الرأي الشرعي يشير إلى أن القانون الحالي يتبع الشرعية الإسلامية، وكانت القرارات النهائية بأنه يجوز للطرف غير الحاضن استضافة الصغير بشرط أخذ إذن الحاضن ورأي المحضون.
- كما عرضت فتوى الأزهر الشريف رقم740 وقرار مجمع البحوث الإسلامية في سبتمبر 2007 بأن الزوجة ليست بملزمة شرعاً بإرسال الطفل إلى أبيه لرؤيته في مكان إقامته ولا استضافته في العطلات الأسبوعية أو الرسمية ولا أخذه منها للتصييف معه مادام في حضانتها وإنما يمكن ذلك بالتراضي بين الطرفين.
- كما أن القوانين المقترحة بالزام الاستضافة بدلًا من الرؤية لم تتطرق لمخاطر الاستضافة والمخاطر المتعلقة بالطرف غير الحاضن وتحديد كيفية متابعة عملية تسلم وتسليم 6 مليون طفل وطفلة وإرجاعهم مرة أخرى للطرف الحاضن.
· بالاضافة إلى أن المحور الثالث الذي أشار فيه بتعديل ترتيب الحضانة فيه مخالفة للشريعة الإسلامية، حيث أقر مجمع البحوث الإسلامية في مايو 2011 بتشكيل لجنة فقهية لدراسة كافة مواد قانون الأحوال الشخصية ومن ضمنها بند ترتيب الحضانة بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية، برئاسة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وأقرت اللجنة باستمرار العمل بترتيب الحضانة للأم ثم والدة الأم ثم والدة الأب ثم أخواتها.
وليس نقل الحضانة مباشرة من الأم للأب لأن النساء أقدر على تلبية احتياجات الطفل، فلماذا يتم تغيير قانون حالي نابع من الشريعة الإسلامية والتي هي مصدر قانون الأحوال الشخصية.
· والمحور الرابع والأخير الذي نص على إلغاء جميع الحالات التي يقبلها القانون للخلع وحصرها في حالة واحدة وهي العجز الجنسي فقط، نؤكد على أن قانون الخلع قانون شرعي وأقره الدين الإسلامي في مبادئه وشريعته.
- كما نصت عليه الشريعة من آلاف السنين حيث عرفه الفقهاء بأنه (فراق الرجل وزوجته ببدل يحصل عليه الزوج ) وقيل أيضاً (أنه فداء بأن تفتدى الزوجة نفسها بمال تعطيه لزوجها الكارهة له) .
- حيث ذكرت شرعية الخلع فى القرآن الكريم بدليل قوله تعالي :" الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" ( البقرة 229).
- وثبتت شرعيته فى السنة النبوية حيث ورد عن إبن عباس من أن إمرأة ثابت ابن قيس بن شماس قد جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت له (يا رسول الله ما أعتب عليه فى خلق ولا فى دين ، ولكنى أكره الكفر فى الإسلام – فقال لها رسول الله (ص) أتردين عليه حديقته قالت نعم وأزيد ، فقال صلى الله عليه وسلم أما الزيادة فلا، ردى عليه الحديقة ، وقال لثابت : طلقها تطليقة) وهذا الحديث أصل الخلع وأجمع عليه جمهور الفقهاء.
- كما أجمع الصحابة على جواز الخلع ، فقد تكررت الحوادث أيام الخلفاء الراشدين في عهد عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان رضي الله عنهما ، مثل حالة خلع الربيع بنت معوذ بن عفراء من زوجها، فالخلع يحمي المرأة من استبداد الرجل الذي كان يتركها لسنوات طويلة.
وأخيرًا نؤكد نحن جمعية نهوض وتنمية المرأة بأننا على مدار 30 عام من سنوات عملنا في الميدان وباعتبارنا ممثًلا عن الآلاف من الأمهات الحاضنات، رفضنا التام لكل ما يطالب بتعديلات في قوانين الأحوال الشخصية، غير مباليًا لحقوق المرأة والطفل، ومن تكون تعديلاته هذه فيها إنحياز لفئة الآباء ويضر بمصلحة الطفل وبمصلحة الأسرة المصرية .