تفاصيل 12 ساعة من تحقيقات النيابة فى حادث محطة مصر
مناظرة الجثث المتفحمة وإجراء تحاليل «DNA»لتحديد هوياتها
مواطن من المنيا أمام مشرحة زينهم: «بدور على بناتى الاتنين»
تقارير من «ماسبيرو» عن محتوى كاميرات المراقبة الموجهة على الأرصفة وورش الصيانة
أجرت نيابة شمال القاهرة الكلية، بإشراف المستشار حاتم فاضل، المحامى العام الأول للنيابات، تحقيقات موسعة استمرت قرابة ١٢ ساعة، فى حادث حريق قطار «محطة مصر»، بدأت عقب وقوع الحادث مباشرة، بانتقال فريق لإجراء المعاينات التصويرية، ومناظرة جثامين الضحايا، وذلك حتى التاسعة من صباح أمس الخميس.
واستمعت النيابة لأقوال موظفى المحطة، وسائق جرار القطار الذى تصادم مع الجرار المتسبب فى الحادث، بجانب عدد من المصابين، كما عاينت اللجنة الهندسية الفنية موقع الحادث، وخرجت بتقرير مبدئى، وهو ما تنشر «الدستور» تفاصيله فى السطور التالية.
أحد السائقين: فوجئت بـ«علاء فتحى» بينزل من الجرار وجاى يتخانق معايا.. وكنت بحاول أهديه
أكد أيمن الشحات، سائق جرار القطار الذى تصادم مع الجرار المتسبب فى الحادث، أنه لم يكن يقصد حدوث التصادم والاحتكاك، وقال: «ماكنش قصدى أخبط فيه، وفوجئت بالسائق علاء فتحى بينزل من الجرار وجاى يتخانق معايا»، مضيفًا: «أنا مش مسئول إنه نزل من الجرار. ماحدش يسيب الجرار وينزل. كنت بأحاول أهدّيه وأقوله: (مش قصدى)».
وتابع «الشحات» أمام النيابة، التى أمرت بحجزه ٢٤ ساعة على ذمة التحريات وأخذ عينة من دمه لإجراء تحليل مخدرات: «فوجئت بالجرار الآخر الذى كان يقوده علاء فتحى يسير على القضبان مسرعًا، وشاهدت بعض زملائى يحاولون اللحاق به، حتى علمت بوقوع الحادث».
واستمعت النيابة كذلك لأقوال ٢٠ من موظفى هيئة السكك الحديدية فى «محطة رمسيس»، ما بين مراقبى أبراج وعمال تحويلة وملاحظين دريسة «المسئولين عن تفقد القضبان والتأكد من سلامتها قبل مرور كل قطار»، الذين تم التحفظ عليهم عقب الحادث، وسرد كل منهم مهمته الوظيفية داخل المحطة.
ونفى هؤلاء الموظفون جميعًا تسبب أى منهم فى حدوث التصادم، قائلين إن السائق «علاء فتحى» قائد الجرار المتسبب فى الحادث، والسائق الآخر أيمن الشحات، هما سبب الحادث، مشددين على أنهم «الموظفون» يؤدون أعمالهم المنوطين بها على أكمل وجه، ولم يقصر أى منهم فى أداء عمله.
وكشف الموظفون أمام عمر طارق، مدير نيابة حوادث شمال القاهرة، عن أن المسافة بين ورشة الصيانة ومكان التصادم قريبة، ولم يدرك أى منهم الأمر، ولم يلاحظ عدم وجود سائق، إلا بعد الحادث.
وقال أحدهم، بعد قرار النيابة بصرفه دون توجيه اتهامات، إنه عامل ملاحظة مكانه بعيدًا عن موقع الحادث، إلا أنه رأى الجرار قادمًا بكل سرعته، ولم يكن فى إمكانه أو إمكان أحد آخر إيقافه، خاصة أنه كان قادمًا بسرعة أكبر من سرعته المعتادة، مضيفًا: «مافيش حاجة كانت هتقدر توقفه، لأن ما فيش محطة أو صدادة غير اللى اصطدم بيها، وأى حد كان هيحاول يتصدى ليه فى سرعته دى والعزم اللى كان واخده كان الجرار قطعه».
وأمرت النيابة بإخضاع الموظفين لإجراء تحاليل المخدرات، وطلبت تحريات أجهزة البحث الجنائى والأمن الوطنى حول سجلاتهم الجنائية.
كما استمعت لأقوال مدير الهيئة العامة للإشارات بهيئة السكك الحديدية، وذلك على سبيل الاستدلال وشرح طريقة عمل الجرارات وخروجها من الورشة إلى الأرصفة، وغيرها من طرق العمل الفنية، للاستعانة بها فى التحقيقات.
وتحفظت النيابة على كاميرات المراقبة الموجهة على رصيف الحادث والأرصفة المجاورة وورش الصيانة لتفريغها، وأمرت بإرسال محتواها لخبراء الإذاعة والتليفزيون لإجراء تنقيح للصورة وتفريغ محتواها وكتابة تقرير وافٍ بها.
فيما تتولى اللجنة الهندسية المشكلة من المهندسين المختصين بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة والمكتب الاستشارى بالكلية الفنية العسكرية، معاينة الجرار المتسبب فى الحادث، والتحفظ على جهاز «ATC» المتحكم فى سرعات القطار لرصد سرعته وقت اصطدامه.
مصابون:«النار أكلت أهلنا وصحابنا قدام عينينا» ومناظرة المشرحة: 8 جثث متفحمة بينهم طفلة
قال عدد من المصابين، الذين سمحت حالتهم بالحديث أمام النيابة، إنه أثناء انتظارهم للقطار على الرصيف رقم ٦، فوجئوا بدخول «جرار» بسرعة كبيرة، ولم يستطيعوا الفرار أو الجرى بعيدًا، حتى اصطدم بالرصيف واشتعلت النيران بسرعة والتهمت عددًا من الأشخاص.
وأضاف المصابون «مش مصدقين اللى حصل.. الحمد لله ربنا نجانا»، مشيرين إلى أن بعضهم شاهد أقاربه وأصدقاءه والنار مشتعلة بهم، وتابعوا: «لينا أصحاب وأهل ماتوا محروقين، وصوتهم وهم بيموتوا مش هننساه.. عايزين حق اللى ماتوا».
وسلمت نيابة حوادث جنوب القاهرة الكلية، بإشراف المستشار سمير حسن، المحامى العام للنيابات الكلية، عددًا من التقارير الخاص بمناظرة عدد من الجثث والأشلاء بمشرحة زينهم، بعدما كلفها النائب العام المستشار نبيل صادق، بالانتقال إلى المشرحة وإجراء المناظرة، والمشاركة فى إعداد تقارير حول ذلك، وإرسالها للنيابة المختصة بالتحقيق «شمال القاهرة الكلية».
وتبين أن النيابة ناظرت ما يقرب من ٢٠ جثة بجانب عدد من الأشلاء، وأسفرت مناظرة النيابة عن وجود ٨ جثث متفحمة بشكل كامل، بينهم طفلة، فيما ظهرت فى باقى الجثث حروق متفرقة بأنحاء الجسد بدرجات تفاوتت بين الثانية والثالثة مع كسور مضاعفة، وإصابات رضية تركزت غالبيها فى الجماجم نتيجة السقوط والتدافع عقب انفجار «تانك البنزين».
كما ظهرت على الجثث تشوه الملامح، خاصة فى الجثث المتفحمة التى ما زالت مجهولة لم يتم تحديد هوياتها، فتم سحب عينات البصمة الوراثية «DNA» منها وترقيمها، وحفظها فى ثلاجات المشرحة، حتى يتم التعرف على هوياتها وتحديدها من خلال مطابقة تلك العينات التى يتم سحبها مع أهالى المفقودين، كما رصدت النيابة بعض الأشلاء التى تفتت نتيجة التفحم من شدة النيران.
وحضر أهالى الضحايا والمفقودين إلى مشرحة زينهم، منذ صباح أمس الخميس، للتعرف على ذويهم، خاصة عقب عدم الاستدلال عليهم من ضمن المصابين فى مستشفيات السكك الحديدية، ومعهد ناصر والهلال والقبطى ودار الشفاء.
وقال مصدر فى الطب الشرعى: «بمجرد حضور أى من الأهالى، يتم إثبات محضر تعارف يحدد فيه هويته وهوية المفقود لديه، ثم يتوجه به إلى نيابة جنوب القاهرة الكلية ليثبت أقواله، ثم يتم تحويله إلى مصلحة الطب الشرعى مرة أخرى لسحب عينة البصمة الوراثية وفحصها لمطابقتها مع جثث الضحايا»، وأضاف «جارٍ استكمال عمليات الفحص والتطابق، التى تستغرق مدة ٤٨ ساعة حتى تظهر نتائجها، وتم التعرف على جثتين بالفعل، وتسليمهما لذويهما، عقب استخراج تصريح الدفن من النيابة العامة».
وناشدت النيابة العامة أهالى وذوى المفقودين سرعة التوجه إلى مشرحة زينهم، لأخذ عينة منهم لمضاهاتها بما تم سحبه من الجثث المجهولة، لتحديد هويتهم، واستقبلت النيابة منذ صباح أمس عددًا من المواطنين أغلبهم من محافظات الصعيد الذين يبحثون عن ذويهم منذ أمس، بينهم مواطن من محافظة المنيا يبحث عن ابنتيه الصغيرتين، قائلًا: «بدور على بناتى الاتنين».
تقرير اللجنة الهندسية: القطار انطلق من مسافة تصل لـ٢ كيلومتر.. والمتهم فشل فى فرملته
وصل إلى موقع الحادث، فجر أمس الخميس، اللجنة المشكلة من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، على رأسهم كبير المهندسين، و٤ آخرين، وبدأوا فحص موقع الحادث، والجرار المتسبب فى التصادم، الذى تفحم نتيجة الحريق، وظهر مقلوبًا على الجهة اليسرى من ناحية الرصيف.
وفحصت اللجنة مكابح السرعة وإمكانيات الجرار، فيما تولى فنيون مختصون معاينته من الداخل، لإثبات مدى استجابة ذراع التشغيل، وفحص إذا كان يحتاج إلى صيانة قبل الحادث من عدمها، وتحديد ما إذا كانت السرعة والتصادم حدثا نتيجة خطأ من السائق فى تشغيله وتثبيته على سرعة كبيرة، أم نتجا عن عطل وعيب فى الصيانة والتشغيل، كما تم فحص العجلات التى حدث لها اعوجاج وخرجت عن خط السير وصعدت أعلى الرصيف، وحالات القضبان المتهالكة بعدما تسبب انفجار «تانك السولار» فى تكسيرها.
وأثبتت اللجنة أن الجرار تسبب فى تدمير واجهات وتهشيم عدد من محتويات المحطة، وتهشيم واجهة المبنى الإدارى، وذلك من الناحية الخلفية، إذ تصدع جزء من الأعمدة المقام بها المبنى من الناحية المواجهة لرصيف ٦، التى تفصل بين الوجهين القبلى والبحرى، فضلًا عن تدمير ممر المشاه الخشبى عقب دخول القطار فى المبنى.
وبينت من خلال المعاينة المبدئية أن الجرار انطلق من مسافة تصل لـ٢ كيلو، بعد تصادمه مع جرار آخر خلال إجراء «تحويلة» تقع خارج المحطة للوصول إلى ورش التخزين، وعندما حاول السائق فك التصادم ترك مكابح السرعة تعمل بأقصى سرعة إذ كان يطمح أن تفك التشابك، لكن الجرار كان حمل عددًا من السرعات جعلته يفلت من تشابك المصدات الحديدية وينطلق عائدًا إلى رصيف ٦ ليقع الحادث، ومن المقرر أن يتم تسليم هذه التقارير للنيابة المكلفة بإجراء التحقيقات.