مصر تدخل عصر البنوك الرقمية
مصرفيون: ضرورة الاستثمار في الذكاء الصناعي واعتماد اللائحة التنفيذية لقانون التوقيع الإلكتروني
تسعى البنوك العاملة في السوق المحلية إلى أن تصبح أكثر مرونة في بناء وتقديم خدماتها لكل شرائح العملاء، وفي سبيل ذلك شرعت في تعزيز أنظمتها التكنولوجية وتدشين منصات إلكترونية مختلفة لنشر خدماتها سواء عبر الموبايل أو الإنترنت والبطاقات ومؤخرا الفروع المصرفية الإلكترونية والتي يري البعض أنها تمهد الطريق لتدشين البنوك الرقمية المتكاملة.
وتعرف البنوك الرقمية بأنها بنوك الإنترنت أو البنوك الإلكترونية عن بعد أو «البنك المنزلي» أو البنك على الخط، وعلي اختلاف المصطلحات فجميعها تشير إلى قيام العميل بإدارة حساباته أو إنجاز أعماله المتصلة بالبنك عبر شبكة الإنترنت سواء في المنزل أو المكتب وفي أي مكان ووقت يرغبه ويعبر عنها «بالخدمة المالية عن بعد».
وقال مصرفيون إن ما يجري الآن من محاولات إتاحة أكبر قدر من الخدمات البنكية عبر المنصات الإلكترونية المختلفة سيكون الأساس لتدشين ما يعرف بالبنوك الرقمية وهي بنوك تتيح 100% من خدماتها عبر الإنترنت، مشيرين إلى أن امتلاك بنك رقمي بهذا الشكل يتطلب الاستثمار في الذكاء الاصطناعي بالإضافة لاعتماد اللائحة التنفيذية لقانون التوقيع الإلكتروني والسماح بالتداول الإلكتروني لبيانات «اعرف عميلك» بالبنوك.
كان أيمن حسين، وكيل محافظ البنك المركزي لتكنولوجيا المعلومات ونظم الدفع، قد قال في وقت سابق، إن البنك المركزي يدرس إتاحة تبادل معلومات نموذج «اعرف عميلك» بين البنوك تمهيدا لإنشاء بنوك رقمية لكن بعد موافقة العميل.
وقال طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري، خلال مؤتمر التكنولوجيا المالية، مطلع العام الماضي، إن مصر تدرس فكرة إنشاء البنوك الرقمية، وإن البنك المركزي المصري، والسلطات الحكومية، تعمل على تطوير بنية تحتية جاذبة وداعمة، لقطاع التكنولوجيا المالية.
وقال رؤساء بنوك محلية، إن البنوك العاملة في مصر تسعي لمواكبة التكنولوجيا الرقمية العالمية وفقًا لحاجات العميل، وتستهدف أغلب البنوك إطلاق فروع خدمات إلكترونية، وإطلاق العديد من الخدمات المصرفية عبر الهاتف، كنوع من التمهيد لإطلاق الفروع الرقمية.
وقال مصدر مسؤول إن البنك المركزي يدرس طلبات بعض البنوك لاعتماد بصمتي العين والإصبع بدلًا من توقيع العقود عن طريق العملاء، وذلك بهدف إنشاء بنوك رقمية متكاملة.
وأوضح مسؤولون بالبنوك أن الفروع الرقمية التي تسعي البنوك للوصول لها ويدرسها المركزي حاليًا هي عبارة عن فروع افتراضية تختلف عن نظيرتها التقليدية في أن كل خدماتها يتم تقديمها من خلال الإنترنت، وأن جزءا كبيرا منها يجري إنجازه عبر آليات الذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى نجاح هذه الفروع بمنطقة الخليج.
وأطلق بنك المشرق العام الماضي، أول بنك رقمي جديد ومتكامل يقدم جميع الخدمات المصرفية الفورية عبر قنوات رقمية فقط ومن دون فروع لتلبية جميع احتياجات العملاء المصرفية تحت اسم »المشرق نيو«.
كما أطلق بنك الإمارات دبي الوطني Pepper كأول إنسان آلي لخدمة عملاء البنك يمكنه التعرف على العواطف والمشاعر البشرية الأساسية ويتفاعل معها، حيث تم دمج »Pepper« مع أنظمة البنك ليتواصل مع العملاء ويتفهم احتياجاتهم ويقدم لهم المنتجات والخدمات بطريقة ممتعة وطبيعية تظهر بوضوح من خلال حركات جسمه ونبرات صوته التلقائية.
من جانبه، قال محمد الإتربي، رئيس مجلس إدارة بنك مصر، إن مصرفه يسعي خلال العام الجاري لتحديث خدمات الإنترنت البنكي والهاتف المحمول بما يسمح لعميل البنك بتنفيذ أغلب احتياجاته دون الحاجة للذهاب إلى الفرع، إلا في الحالات التي تتطلب الوجود الشخصي، مثل فتح حساب بنكي لأول مرة، والتي تشترط تعليمات البنك المركزي حضور العميل أمام موظف البنك للتأكد من هويته.
وأشار الإتربي إلى أن مصرفه يدرس جدوي تدشين فروع منفصلة للخدمة المصرفه الإلكترونية بالنظر إلى توفير أغلب خدماتها من خلال منصات الهاتف المحمول والإنترنت البنكي بالإضافة إلى إمكانية تضمينها داخل بعض الفروع التقليدية للبنك والمنتشرة بكل المحافظات.
وأضاف أن التكنولوجيا هي المحرك الرئيسي للنجاح في تحسين وتعزيز قيمة الخدمات التي يقدمها أي بنك لعملائه، مشيرا إلى أن مصرفه يعمل دائما على تطوير بنيته التكنولوجية مستخدمًا أحدث الوسائل العالمية بهدف تقديم خدماته بصورة أكثر كفاءة.
فيما أوضح يحي أبو الفتوح، نائب رئيس البنك الأهلي، إن التحول الرقمي يشغل العالم كله، وهو ليس إطلاق منتج فحسب بل الانتقال لتقديم كل الخدمات البنكية بشكل إلكتروني.
وتابع إن الفروع الرقمية هي عبارة عن فروع افتراضية ليس لها مكان بل هي عبارة عن خدمات تكنولوجية للعميل دون التوجه إلى مبني كالفروع التقليدية، مؤكدًا أن البنية التحتيه لإطلاق فروع رقمية متوفرة لدي مصرفه، ويتبقي فقط اعتماد اللائحة التنفيذية للتوقيع الإلكتروني بما يسمح للعميل بفتح حساب مصرفي دون الحضور للفرع.
يشار إلى أن البنك الأهلي المصري أعلن، بداية الشهر الجاري، إطلاق أولى فروعه للخدمة المصرفية الإلكترونية بمول سيتي ستارز مدينة نصر، على مساحة 100 متر تقريبا، ويسمح الفرع الجديد للعملاء بالتنفيذ الإلكتروني لنحو 80% من الخدمات البنكية الخاصة بالإفراد، مثل فتح الحسابات الفرعية وتحويل الأموال وصرف وإيداع الشيكات والدفع مقابل الخدمات المختلفة وغيرها، ويخطط البنك الحكومي للوصول إلى 20 فرعا إلكترونيا قبل نهاية العام، وفق تصريحات لرئيس مجلس الإدارة هشام عكاشة، ويعد فرع »الأهلي« أول فرع متكامل للخدمات المصرفية الإلكترونية داخل مصر.
وقال أشرف القاضي رئيس مجلس إداراة المصرف المتحد إن مصرفه يستهدف رقمنة خدماته بهدف التسهيل على العملاء من خلال عدة محاور أولها إطلاق 6 فروع إلكترونية خلال العام الحالي، مشيرًا إلى أن هناك فرعا منها في المهندسين بالفعل، وسيتم إطلاق فرع في كل من مناطق أكتوبر والمنصورة والصعيد والإسكندرية والقناة.
وأضاف رئيس مجلس إدارة البنك إلى أن الفرع الإلكتروني يحتوي على atm- itm - online banking - internet bankinking-، والمحفظة الإلكترونية، وبه موظف واحد يساعد العملاء على استخدام تلك الخدمات الإلكترونية.
كما أوضح القاضي أن مصرفه أطلق العديد من المنتجات البنكية الرقمية، منها المحفظة الرقمية والتي لاقت نجاحا كبيرا بين العملاء، والموبيل البنكي، وخدمة الإنترنت البنكي للشركات، وخدمة إدارة السيولة النقدية cash managementوأيضا المدفوعات الإلكترونية للضرائب والجمارك.
ولفت إلى أن تدشين بنك رقمي متكامل يتطلب السماح بقبول التوقيع الإلكتروني للعملاء وبصمة العين، وغيرها من الوسائل التي ما زالت قيد الدراسة من جانب البنك المركزي والجهات المسؤولة.
كما قال حازم حجازي، نائب رئيس بنك القاهرة، إن مصرفه يعمل على رقمنة خدماته المصرفية، وأن تطوير خدمات البنك التكنولوجية على رأس أولويات العام الحالي، مشيرا إلى سعي البنك لإطلاق فرعين للخدمات المصرفية الإلكترونية خلال العام الحالي بالقاهرة والإسكندرية.
وأوضح نائب رئيس بنك القاهرة، أن الفرع الذكي يعتمد على تقديم الخدمات المصرفية باستخدام التكنولوجيا دون موظفين، بهدف مواكبة خطة البنك المركزي والدولة في الاتجاه إلى الخدمات المصرفية التكنولوجية، موضًحا أن الفرع الإلكتروني يحتوي على ماكينات لصرف الشيكات والتعامل مع العملاء، ولا تحتوي تلك الفروع على موظفين، بل العميل يتعامل مع ماكينات جديدة smart ATM كما ستكون تلك الفروع مدعومة بشاشات للإنترنت بانكنج، بحيث أن العميل يمكنه الحصول على خدماته داخل تلك الفروع بشكل رقمي.
وكشف حجازي عن الاستعداد لإطلاق التحديث الجديد من محفظة الهاتف المحمول «قاهرة كاش» مما يضفي طابعا حديثا ومتطورا على الشكل العام للمحفظة، بالإضافة إلى توفير خدمة الدفع للعديد من الخدمات، والمدفوعات الدورية، (مثل دفع فواتير المياه، الكهرباء، الغاز، بالإضافة إلى دفع قيمة التذاكر للخدمات المختلفة).
وقال تامر جمعة، نائب رئيس البنك الزراعي، إن تدشين فرع رقمي متكامل يحتاج إلى core banking system متكامل، والبنوك الرقمية تمتلك شبكة تكنولوجية قوية، مشيرا إلى أن البنك الزراعي يعمل على هذا النسق في الفترة الحالية.
وأضاف أن البنك يتيح خدمة التحصيل الإلكتروني لمستحقات الضرائب والجمارك وغيرها من مستحقات الخدمات الحكومية بالتعاون مع شركة إي فاينانس من خلال تقديم الخدمة في عدد 213 فرعاً من فروع البنك بجميع المحافظات، ويجري العمل على توسعة الخدمة لتشمل كل الخدمات الحكومية، كما سلمت فروع البنك بالمحافظات حوالي 2.5 مليون بطاقة كارت فلاح.
