الأموال
الأموال

عاجل

أسامة أيوب يكتب: إضافة اسم الأم فى بطاقة الرقم القومى.. مطلب مهم اجتماعيًا وأمنيًا

أسامة أيوب
-

اقترحته صحفية بالأهرام على رئيس الحكومة

اقتراح إضافة اسم الأم فى بطاقة الرقم القومى الذى عرضته الصحفية مروة البشير مندوبة الأهرام فى مجلس الوزراء على الدكتور مصطفى مدبولى خلال المؤتمر الصحفى الأسبوع قبل الماضى.. يعد فى واقع الأمر اقتراحا مهما يعالج مشكلات اجتماعية وأمنية، لذا نال استحسان الكثيرين مثلما رحب به رئيس الحكومة ووعد بتنفيذه.
فى مقدمة الأسباب التى ساقتها الصحفية لتبرير مقترحها لإضافة اسم الأم فى بطاقة الرقم القومى حالات تشابه أو تطابق الأسماء حتى الاسم الرباعى فى بعض الأحيان فى حالات الجرائم والمخالفات، وحيث يكون اسم الأم حاسمًا فى إزالة اللبس الذى قد يدين مواطنا بريئا بارتكاب جريمة إلى أن تثبت براءته.
ورغم ترحيب رئيس الوزراء بالاقتراح مع الوعد بتنفيذه، إلا أنه أوضح فى نفس الوقت أن اسم الأم مدون مع كل بيانات المواطن فى “الباركود” الشريحة السوداء فى بطاقة الرقم القومى، ومن ثم فإنه يمكن لأجهزة الأمن والتحقيق الكشف عنه بسهولة وإزالة اللبس فى حالة تشابه أو تطابق الأسماء.
سبب آخر ساقته الصحفية لتأكيد أهمية ذكر اسم الأم فى بطاقة الرقم القومى وهو حالات الإخوة والأخوات من الأم أى غير الأشقاء، وهو السبب الذى بدا أن رئيس الحكومة اقتنع بوجاهته، حيث وعد بدراسة سبل تنفيذه وإجراءات الترتيبات التقنية الخاصة التى من شأنها إضافة اسم الأم إلى بطاقة الرقم القومى.
<<<
إن تنفيذ هذا الاقتراح حسبما وعد الدكتور مصطفى مدبولى يعد مطلبا إنسانيا واجتماعيا مهما وضروريا تجنبا للشبهات والحساسيات فى حالات الإخوة والأخوات من الأم أى غير الأشقاء الذين قد يتعرضون للحرج فى حالات كثيرة منها على سبيل المثال فى الفنادق التى لا تسمح وفقا للقانون بإقامة رجل وامرأة غير متزوجين فى غرفة واحدة وفى نفس الوقت الذى لا يوجد فيه إثبات أنهما إخوة نظرا لاختلاف اسم الأب فى بطاقة الرقم القومى لكليهما، بينما هما فى الحقيقة أخ وأخت ولكن من الأم، ولذا فإن الإثبات الوحيد لأنهما أخ وأخت هو وجود اسم الأم فى البطاقة، حيث تتطابق اسم أم كل منهما على الآخر.
ثمة حالة أخرى تؤكد أهمية وجود اسم الأم فى بطاقة الرقم القومى وذلك عندما يستأجر رجل شقة سكنية ويقيم فيها مع أخته من الأم وحيث يختلف اسم أب كل منهما فى البطاقة، وهو الأمر الذى من شأنه إثارة الشبهات الأخلاقية والتى تستغرق إزالتها وقتا طويلا ريثما يثبت الرجل أنها أخته بعد أن يكون الاثنان قد تعرضا للحرج والاتهام حتى تتكشف الحقيقة، ولذا فإن هذا السبب تحديدا يتطلب مسارعة رئيس الوزراء فى الاستجابة للاقتراح وتنفيذه بالتوجيه للأجهزة المعنية بإعداد الترتيبات التقنية اللازمة خاصة مع التقدم التكنولوجى الذى حققته مصر فى مجال الرقمنة.
<<<
وفى نفس الوقت ورغم إيضاح رئيس الحكوم بشأن وجود اسم الأم فى الباركود ببطاقة الرقم القومى وعلى النحو الذى يمكن أجهزة الأمن من تحديد اسم مرتكب الجريمة فى حالة تشابه أو تطابق الأسماء، إلا أنه فى بعض الحالات قد لا تتوفر أجهزة قراءة “الباركود” فورًا، وحيث يمكن أن يتأخر الكشف عن اسم مرتكب الجريمة الحقيقى، فإن وجود اسم الأم من شأنه تسريع وتسهيل إزالة اللبس فى حالة تشابه الأسماء.
<<<
يبقى أن هذا الاقتراح قد استدعى جانبًا من الموروث الاجتماعى فى الثقافة المصرية القديمة حيث ظل ذكر اسم الأم ولعقود طويلة مضت من المحظورات التى لا يليق ولا يجوز الإفصاح عنها إلا سرًا فى شهادات الميلاد والزواج والوفاة، وهو نفس الحظر الذى ينطبق غالبا على ذكر اسم الزوجة، والذى تختلف الإشارة إليها ضمنيا باختلاف البيئات والطبقات الثقافية والاجتماعية وكذلك باختلاف الثقافات ما بين الريف والحضر، حيث يشار إلى الاسم بـ”المدام” أو الهانم، بينما يشار إليها فى الطبقات الشعبية بـ”الجماعة”.
...
غير أنه بمرور الزمن ومع الانفتاح الاجتماعى والثقافى وخروج المرأة للعمل والحياة العامة، حيث صارت طبيبة ومهندسة ومحامية ومُدرسة وإعلامية وموظفة وارتقت إلى المناصب العليا، فإن الحظر على اسم الأم والزوجة تم رفعه تدريجيا، حيث فرضت المرأة المصرية حضورها بذاتها واسمها من خلال رموز وطنية وثقافية وعلمية صارت أعلامًا فى سنوات وعقود ليست بعيدة ومنهم على سبيل المثال صفية زغلول “أم المصريين” زوجة الزعيم سعد زغلول والدكتورة سهير القلماوى والعالمة سميرة موسى والكاتبة الصحفية أمينة السعيد والدكتورة عائشة عبدالرحمن “بنت الشاطئ” والمحامية الشهيرة والنائبة البرلمانية مفيدة عبدالرحمن، ونائبات البرلمان نوال عامر وكريمة العمروسى وغيرهن.
ومع ذلك فقد تأخر رفع الحظر عن ذكر اسم الأم واسم الزوجة حتى وقت قريب إلى أن تم رفع الحظر تقريبا هذه الأيام، وإن كان ذلك الموروث الثقافى القديم لايزال حاضرا خاصة فى أقصى صعيد مصر، وإن كان فى طريقه حاليا إلى التراجع والاختفاء.
<<<
الحقيقة هى أن ذلك الموروث الاجتماعى الثقافى الذى ساد فى المجتمع المصرى لعقود طويلة لم يكن له ما يبرره.. أخلاقيا واجتماعيا بل حتى دينيا، خاصة أن السيدة مريم التى اصطفاها الله واصطفاها على نساء العالمين قد ورد ذكرها بالاسم في القرآن الكريم وكذلك فى الإنجيل بل إن القرآن قد أفرد لها سورة باسمها.
ثم إن النبى محمد صلى الله عليه وسلم معلوم اسم أمه السيدة آمنة بنت وهب كذلك أسماء زوجاته أمهات المؤمنين بداية من السيدة خديجة بنت خويلد، والسيدة عائشة بنت أبى بكر والسيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب وكل زوجاته المعلومة أسماؤهن.
<<<
ولذا فإنه من غير المفهوم أن يكون اسم الأم والزوجة من العورات التى يعد كشفها انتهاكا للقيم والتقاليد الاجتماعية بحسب الموروث الثقافى المصرى القديم، إذ إن أسماء كل النساء.. زوجات أو أمهات ليست أعلى مقامًا من أسماء أمهات وزوجات الأنبياء، حيث بدت هذه الثقافة المصرية القديمة المنغلقة مخالفة للتشريع الإلهى وسنن الأنبياء وسنة النبى محمد صلى الله عليه وسلم، مع ملاحظة أنه من المعلوم أن الناس جميعًا سوف يدعون يوم القيامة بأسماء أمهاتهم، ومع ملاحظة أخرى تكشف تناقضا فى ذلك الموروث الثقافى القديم، إذ حين تدعو امرأة لأحد أو على أحد فإنها تذكر فى الدعاء اسمه منسوبا لاسم أمه فتقول: فلان ابن فلانة.
<<<
فى سياق ما سبق فى هذه السطور.. قد يكون تغييب اسم الأم فى بطاقة الرقم القومى رغم أهميته حسبما اتضح يرجع إلى تغلغل الموروث الثقافى الاجتماعى فى العقل الباطن للأجهزة المسئولة عن إصدار البطاقات!
<<<
يبقى أخيرًا أن اقتراح إضافة اسم الأم لبطاقة الرقم القومى يلبى مطلبا اجتماعيا وأمنيا مهما فى انتظار وعد رئيس الحكومة بتنفيذه.